دولة قطر تجدد تأكيدها على نبذ كافة أشكال التطرف العنيف ودعمها لجهود اجتثاث هذه الظاهرة

دولة قطر تجدد تأكيدها على نبذ كافة أشكال التطرف العنيف ودعمها لجهود اجتثاث هذه الظاهرة

نيويورك/ المكتب الإعلامي/ 03 يونيو 2016/ أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية مجددا على موقف دولة قطر من نبذها لكافة أشكال التطرف العنيف، ودعمها لجهود المجتمع الدولي في اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها، وكذلك إيمان دولة قطر بأنّ ظاهرةَ التطرف تُشكّل تَحدياً خطيراً للمجتمعات كافّةً، إذ يدفع الشبابُ والأطفالُ ثمناً باهظاً ومباشراً جَرّائَها.وشدد سعادته، في كلمة له اليوم خلال المناقشة المواضيعية رفيعة المستوى للجمعية العامة حول "حماية الأطفال والشباب المتأثرين بالتطرف العنيف" والتي عقدت بمقر الأمم المتحدة، على أن استئصالَ هذه الظاهرة العالمية يتطلّب التزاماً جماعياً واستراتيجيةً طويلةَ المدَى للتّصدّي للظّروف المؤدية لها قبل أن تستغلّها التنظيماتُ الإرهابيةُ، مع ضرورة مُراعاة الظروف الخاصّة لكلّ بيئة ينشأُ فيها التطرف.وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن التطرفُ ليس وليدَ دين بعينه، بل وليدَ التشوُّه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يُنتج قوًى تُفسّرُ الدّين على هذا النّحو وتَتَناول الإرهابَ كمسألة دينية ترمي إلى تحقيق أهداف خاصة لا تخدُم الجهودَ التي يضطلع بها المجتمع الدولي في مكافحة هذه الظاهرة، بل تُقوّضُها. وأكد سعادة وزير الخارجية على رفضُ دولة قطر أيّة محاولة لتوجيه الاتّهام لدين أو عرق بالتطرف العنيف والإرهاب.. مشيرا إلى أن محاولة استغلال حوادث العنف المنفردة لربط التطرف بدين معيّن تُفشلُ الجهودَ التي ترمي إلى معالجة الأسباب الحقيقية وراء التطرف، إضافة إلى أنّ الإساءة إلى الرموز الدينية تشكّل ذريعةً للمتطرفين لتجنيد المزيد من الدّاعمين لفكرهم.ونوه سعادته بأهمية الدور الذي ينهضُ به القادةُ الدّينيّين الداعين إلى التسامح والقيم الإنسانية، وكذلك بدورُ منظمات المجتمع المدنيّ ورجال الفكر والتربويّين لإشاعة روح العفو والتسامح والبحث عن التّسويات بدلَ فرض الرأي على الآخرينَ.وأشار سعادة وزير الخارجية في حديثه إلى "أحمد"، وهو شاب لم يتجاوز الآن الخامسةَ والعشرينَ، وكان يتعرضُ في صباهُ لمضايقات من رفاقه بسبب ديانته، فأصبحَ حادَّ الطباع، يعجزُ عن النقاش، حتى شكاهُ مديرُ مدرسته ذاتَ يوم إلى الشّرطة التي أخبرتهُ أنّ أصدقاءهُ خائفونَ من سلوكه المتطرف. وتابع قائلا " (أحمد) الذي شعرَ حينها بعنصرية المجتمع الذي يعيشُ فيه تجاهه وزملائه الذين كانوا ينادونه بـ"الإرهابي" وجد نفسهُ بين أحضان مجموعة من الشباب المتطرف، وأقنعوهُ بالتّوجه إلى إحدَى الدول للانضمام الى إحدى التنظيمات الإرهابية العنيفة ، إلى أن استدعته الشرطةُ للتّحقيق ثانيةً، وحوّلوهُ إلى أحد المراكز التي تنظم لقاءات حوارية هدفها ثَنيُ الشباب عن الانضمام إلى هذه التّنظيمات، فصرّح أحمدُ بَعدها بأنه لولا تلكَ اللقاءات في المركز لصارَ في العراق أو سوريا بحثاً عن (الثأر)".وأوضح سعادته أن هذه القصةُ ليست من نسج الخيال، بل هي قصّةٌ واقعيةٌ بطلها شابٌ من ضمن مئات الشباب الذين كادت مجتمعاتهم - لولا تدارُكُها - أن تُودي بهم إلى الوقوع بين براثن التّطرف نتيجةَ تجاهلها لجذور مشكلاتهم، ومنها العنصريةُ والتهميشُ.. مشيرا إلى هذه الحالات ما زالت استثنائيةٌ عند الشباب المسلم في الغرب، لأنّ الدولةَ في الغرب تحُوزُ آليات كثيرة لمنع تفاقُم الغضب، ولأنها تمنحُ الشبابَ حريةً نسبيةً في التعبير عن أنفسهم، وأدوات قانونيةً واجتماعيةً لمعالجة مشاكلهم.وتابع قوله "إذا كان هذا حالُ (أحمدَ) في دولة غربية متطورة، فَلكم أن تتخيّلوا حالَ الشباب الذين تَنسدُّ الآفاقُ في وجوههم، ويُمنعون من التعبير عن أنفسهم، ويتعرضون للإذلال، ويُزجُّ بهم في المعتقلات بسبب التعبير عن موقف، ويمرُّون بتجرُبة التعذيب في سجون دولة دكتاتورية".ولفت سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى تطلع الشبابُ لإيجاد معنىً لحياتهم وللتّعبير عن أنفسهم.. موضحا أنّ الأنظمةَ الديكتاتوريةَ تَمنعهم من ذلك بكلّ بساطة، وهذا يُولّد احتقاناً، وعندما يُضاف إلى ذلك البطالةُ وانسداد الآفاق ومواجهةُ أيّ احتجاج على ذلك بالعنف، فإن النتيجة هي تحوُّل الغضب المُتراكم إلى عنف مضادّ، وثَمّةَ قوىً سياسيةً دينيةً وغيرَ دينية تقفُ بالمرصاد لجذب الشباب الغاضب إلى صفوفها. وقال سعادته في هذا الصدد "إنّ ما يجري في منطقتنا من تخريب وتدمير، وقتل وتهجير، وتنَكُّر للحقوق، يُغذّي التطرف، ويوفرُ حُججاً للتأثير على الشباب، فنجدُهم يفقدون الأملَ والثقة في قدرة المجتمع الدولي على حلّ الصراعات وفض النزاعات.. أمَا آن الأوانُ لوضع حدًّ للانتهاكات والسياسات التي تستهدف الشعوبَ المطالبةَ بالحرية والكرامة الإنسانية؟".وأكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية أنه مع تعدُّد النّكبات التي تتعرض لها شعوبُنا، تبقى فلسطينُ وقضيتنا الأساسية، التي لا يمكن لنا تجاهلها، إذ أنّ وجودَ الاحتلال بحدّ ذاته، واستمرار الممارسات القمعية ضدّ الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطفالُ والشبابُ، تُراكم غضباً على مستوى المنطقة نتيجةً للشّعور بالظلم، وذلك على الرغم من أن الشعب الفلسطينيَّ ذاتَه قادَ نضالا تحرُّرياً منظّماً يُعلي قيمَ المساواة والتعايش والسّلام العادل.وجدّدُ سعادته، في كلمته، تأكيد دولةُ قطر على أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية ووقفَ الاستيطان وتفكيكَ المستوطنات، واحترامَ الوضع القانونيّ للقدس الشريف، وتحقيق حل الدولتين، سَينعكس إيجاباً على شعوب المنطقة، وسيُحرّر الأطفال والشبابَ من الخوف واليأس، ويقضي على أحد المُسبّبات الرئيسية للتّطرف في المنطقة، وسيمنح هؤلاء الأطفالَ والشباب الأمل في مستقبل آمن. وقال "إنه إدراكاً من دولة قطر أن الشباب هم الوقود البشريُّ الذي تستخدمه الجماعاتُ المتطرفةُ لتحقيق مآربها، فقد نبهَت من خطر إهمال دور الشباب وعدم توفير البيئة الصّحية لتطوير قدراتهم وإشراكهم في رسم مستقبلهم، فَهُم المحرّك للتغيير الإيجابيّ.. مضيفا " يجب أن نبتكرَ الفُرص المناسبة للاستفادة من إمكانياتهم واستكشاف قدراتهم.. فقد كان للشباب عبرَ التاريخ دوراً رائداً في بناء أوطانهم، إنّهم مصدرُ قوتها، وصُنَّاعُ مجدها، وصمامُ حياتها، وعنوانُ مستقبلها.. و مصير كل أمة يتوقف على شبابها".واعتبر سعادة وزير الخارجية أن حمايتهم من التطرف ينبغي أن يَحظى بأولويّة من المجتمع الدولي، وذلك لا يتَأتّى إلا بإتاحة الفرص لهم في رسم مستقبلهم، بما يضمن لهم سبل العيش الكريم.. مبينا أنه تحقيقاً لهدف مكافحة التطرف العنيف، اعتمدت دولةُ قطر استراتيجيةً تَغرس روح التسامح والحوار البنَّاء، والانفتاح على الآخرين على الصعيدين الوطنيّ والدولي، كما كانت من المؤسسين للصندوق العالميّ لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على التكيّف، وهي من بين أكبر المساهمين في هذا الصندوق الذي يُولي أهميةً خاصة لحماية الشباب من أفكار ومخططات المجموعات المتطرفة والعنيفة.وأكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية، في كلمته خلال المناقشة المواضيعية رفيعة المستوى للجمعية العامة حول "حماية الأطفال والشباب المتأثرين بالتطرف العنيف"، أن دولة قطر دعمت حوارَ الحضارات والتعايش بين الأديان والثقافات المختلفة، وأنشأت من أجل ذلك مؤسسات وطنية تُعنىَ بنشر ثقافة الحوار ومحاربة التطرف ونَبذ العنف.وبين أن من هذه المؤسسات مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان الذي عزّز الجهودَ المبذولة لمكافحة التطرف والكراهية، ومدّ جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الأديان والحضارات والثقافات، إضافة إلى تأسيس مركزُ حمد بن خليفة الإسلامي في كوبنهاجن بالدنمارك عام 2014 الذي يعمق الفهم بالدين الإسلامي الحنيف، ويدعم الجهود الدولية لمكافحة التطرف، ويعزز التعايش السلمي والمحبة بين الأديان والثقافات والشعوب.وقال سعادته إن دولة قطر تؤمن بدور التعليم في تحويل حروب المنطقة إلى سلام، ومشاكلها إلى وئام، لا سيما في المجتمعات التي تعاني الظلمَ والاضطهادَ والنزاعات المسلحة، فالشبابُ والأطفال المُتعَلّمون هم الأكثرُ وعياً وقدرة على مواجهة الأفكار المتطرفة وحماية أنفسهم ومجتمعاتهم من مخاطرها.وأضاف سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني "إن هذه الحقيقةُ تُثيرُ تساؤلات حولَ مصير الأطفال والشباب داخل سوريا وخارجَها، الذين حُرموا من مقاعد الدراسة ليشكلوا جيلاً محطماً يُنذرُ بدولة ضائعة، تُسيطر عليها الجماعات الإرهابية".. لافتا إلى أن دولة قطر حرصت على حماية الأطفال والشباب السوريين، إذ خصّصَت في السنوات الماضية مواردَ مالية كبيرة لتوفير التعليم للأطفال والشباب الذين لا ينتظمون في المدارس في مناطق اللجوء والنزوح، بهدف ضمان حصولهم على التعليم المناسب، وعملت بشكل وثيق لتنفيذ برامجَ مهمّة في هذا الخصوص مع المنظمات الدولية المعنية. وأكد سعادته أن هذه الجهودُ التي تبذلها دولة قطر وغيرها من الدول على أهميتها لا تكفي لوضع حدّ لمعاناتهم وحمايتهم من التطرف.. داعيا إلى ضرورة التوصلُ إلى حلّ سياسي للأزمة السورية يُحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري الشقيق، ويحفظ وحدةَ وسيادة سوريا.. مشيرا إلى مواصلة دولة قطر تقديم كافة أشكال الدعم الإنساني للأشقاء السوريين بشكل مباشر وعبر المنظمات الدولية والإقليمية، وفقاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.ورأى أن مكافحة التطرف العنيف واستئصال جذوره يعتمد أيضاً على بناء شراكات رصينة وفاعلة تجمعُ الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص ومنظومة الأمم المتحدة والمجتمعات.. وقال "في ضوء أهمية مثل هذه الشراكات، يُسعدني الإعلانُ عن دعم دولة قطر للشراكة بين مؤسسة "صلتك" في دولة قطر- والتي هي حاضرة اليوم معنا - وفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة لتنفيذ مشروع مشترك يجعل من حماية الشباب من التطرف وتعزيز قدراتهم هدفَه الرئيسَ، استناداً إلى الدور الذي تنهض به مؤسسة "صلتك" في المنطقة العربية.ودعا سعادة وزير الخارجية إلى التفكير في مصائر الشباب ليس فقط من زاوية الإرهاب وخطر الإرهاب، بل من منطلق أهمية الإنسان كإنسان، والاهتمام بمشاكلهم ذاتها، وكيف يفكرون بالمجتمع والدولة، وماذا يريدون، وليس فقط ماذا نفكرُ، وماذا نريد، لكي نتمكن من خلق قاعدة لحوار مفيد.