سعادة وزير الخارجية يدعو إلى "ملاذات آمنة" ومنطقة "حظر جوي" لحماية المدنيين في سوريا

news image
واشنطن/المكتب الإعلامي/ 13 أكتوبر 2016/ دعا سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية، الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، إلى أن تضع حساباتها الجيوسياسية جانباً، وتفي بالتزامها بحماية أرواح المدنيين العزَّل في سوريا، وحث بقوة المجلس على إنشاء "ملاذات آمنة" في شمال سوريا وجنوبها، وفرض منطقة حظر جوي فورا، محذرا من تكرار فشل المجتمع الدولي في رواندا والبوسنة بحلب. ودعا سعادة وزير الخارجية، في مقالة بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحت عنوان "كيف يمكن للأمم المتحدة إنقاذ حلب؟"، الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حال عجز مجلس الأمن عن الاتفاق على هذه الإجراءات الأساسية، إلى المطالبة بتنفيذ القرار (377 - أ). وأوضح سعادته أن هذا الإجراء، المعروف أيضاً باسم "الاتحاد من أجل السلام" و"خطة آيكسون" اتشيسون"، والذي يعود تاريخه إلى عام 1950، يوفر وسيلة للالتفاف على مأزق الطريق المسدود أمام مجلس الأمن بما يُمكّن الأمم المتحدة من تدبير مقاومة جماعية للعدوان. وأكد سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، "أن الأسد لم يكن يتصرف بمفرده، فهو يحظى بدعم من قوى خارجية تشاطره تحمُّل المسؤولية عن الموت والدمار، ولكنه يستفيد في الوقت نفسه من ميسّرين لأعماله، هم مَن يقفون جانباً مكتوفي الأيدي أمام استمرار المذبحة". وتحدث سعادة الوزير عن خطوط حمراء رسمت، إلا أن الأسد تجاوزها من دون أن تترتب على ذلك أية عواقب، وعن اتفاقات لوقف إطلاق النار أعلنت، فانتهكتها قوات النظام دون محاسبة أو عقاب. وحذر سعادته من أن "الوقت يداهمنا، ففي حين يتردد قادة العالم، يمكن أن يلاقي الآلاف حتفهم في حلب، مؤكدا أن المجتمع الدولي، المثقَل ضميره بالفشل في رواندا وبالفشل في البوسنة، لا يمكنه أن يتحمل الفشل مرة أخرى". وأشار إلى تعرُّض مركز صحي في حلب يديره الهلال الأحمر القطري، في وقت سابق من الشهر الجاري، لقصف بالقنابل من طائرة هليكوبتر، ومقتل اثنين من المرضى وإصابة ثمانية آخرين وتدمير نصف المبنى، مما اضطرَّ قطر إلى إغلاق المركز، مذكرا بوصف رئيس برنامج الصحة في بعثة الهلال الأحمر القطري في تركيا الدكتور هشام درويش الهجومَ بأنه "جريمة حرب". ونبه سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد استخدم هذه الجملة عينها قبل بضعة أيام لوصف تصعيد العنف الذي تقوم به الحكومة السورية وحلفاؤها، بقوله "إن مَن يستخدمون أسلحة أكثر تدميرا من أي وقت مضى يعلمون بالضبط ما يفعلونه، هم يعلمون أنهم يرتكبون جرائم حرب". وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل، ثاني وزير الخارجية، إنه بعد انقضاء خمس سنوات على قيام بشار الأسد بالرد بوحشية صادمة على الاحتجاجات السلمية لشعبه، ما برح سجل جرائم الحرب التي يرتكبها يتزايد. وأشار سعادته، في هذا الصدد، إلى مقتل نصف مليون شخص وفرَار الملايين من منازلهم وبلدهم هرباً من غاز الكلورين والبراميل المتفجرة التي استخدمها الأسد ضد مواطنيه، مضيفا أنه مع استمرار الحرب زادت حدة ما يقوم به النظام من تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية شراسةً وقسوة. ومضى سعادة وزير الخارجية قائلا "حتى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فشل هو أيضا رغم اتخاذه قرارات عدة تنص على استخدام كل الوسائل الموضوعة تحت تصرفه لوقف الفظائع التي تُرتكب ضد الشعب السوري"، مؤكدا أنه كان ينبغي لمبدأ "المسؤولية عن الحماية" الذي أقرته جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2005 لمنع وقوع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أن يشكل الأساس للتدخل في سوريا بقيادة الأمم المتحدة". وكشف سعادته عن أن "بعض أعضاء مجلس الأمن عمدوا مرارا خلال السنوات الخمس الماضية إلى منع إنفاذ "المسؤولية عن الحماية" لأسباب سياسية، فأتاح جمود المواقف هذا للنظام السوري مواصلة ذبح مواطنيه متمتعا بالإفلات من العقاب، مشيرا إلى أن الكارثة الإنسانية التي حلت الآن بحلب لهي أوضح تعبير عن عواقب فشل الأمم المتحدة". وأكد سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن "سوريا ليست المكان الوحيد الذي تخلى فيه مجلس الأمن بشكل انتقائي عن مسؤوليته في حماية المدنيين الأبرياء ومنع وقوع جرائم حرب في الشرق الأوسط ، ففي غزة عام 2014، فشل في كبح جماح العدوان الإسرائيلي ضد السكان المدنيين: فقد سقط 2251 قتيلا فلسطينيا، 1462 منهم من المدنيين بينهم 551 طفلا و 299 امرأة". وقال سعادته إن "انعدام الحياد وانعدام المساءلة في عمل مجلس الأمن أصاب العديدين في الشرق الأوسط ممن كانوا يسعون إلى تحقيق السلام والعدالة بخيبة أمل"، مشيرا إلى أنه في ظل غياب دور قيادي دولي، توجهت بعض الحكومات في المنطقة إلى قوى أجنبية طلباً للدعم، ما أدى إلى استمرار إراقة الدماء. وقال سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية، في مقاله، "إزاء هذا الوضع، البدائل موجودة، بعد فشل الأمم المتحدة في التدخل لمنع الإبادة الجماعية في التسعينات في رواندا وسربرينيتسا (خلال حرب البوسنة)، تدخلت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لوقف مجزرة وشيكة في كوسوفو. وأشار سعادته إلى أنه في تبرير لعمل الناتو، قال الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون "إذا كانت لدى المجتمع الدولي القدرة على وقف ذلك، فيجب علينا وقف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي". وتابع سعادته قائلا "عندما يُذبح المدنيون الأبرياء بلا رحمة، سواء كانوا مسيحيين أو صرباً أو مسلمين أو من التوتسي، تقع المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي في التصرف بشكل جماعي"، لافتا إلى أنه بعد انقضاء ست سنوات على أحداث كوسوفو، أيدت الأمم المتحدة هذا العزم باعتماد مبدأ "المسؤولية عن الحماية"، مؤكدا أنه "لقد حان الوقت الآن لحماية الأبرياء في سوريا". وذكر سعادة وزير الخارجية أنه "قد يقول البعض إنه من الخطأ التدخل في نزاع آخر في الشرق الأوسط، مستحضرين في ذلك احتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2003"، غير أن غزو العراق كان حربا اختيارية، أما في سوريا فما من خيار آخر، مشددا على أن إنقاذ المدنيين الذين يُذبحون على يد نظام الأسد هو مسؤولية أخلاقية. ورأى سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن "لدى العالم القدرة على وقف إراقة الدماء في سوريا، مشيرا إلى أنه في ظل مبدأ "المسؤولية عن الحماية" والفصل السابع من الميثاق، لدى الأمم المتحدة السلطة للتصرف. وقال سعادته، في ختام مقاله، إن قطر تدعو الدول الأعضاء بمجلس الأمن إلى وضع حساباتها الجيوسياسية جانبا وأن تفي بالتزامها بحماية أرواح المدنيين العزَّل في سوريا.