افتتاح المكتبة الوطنية اللبنانية بتمويل من دولة قطر

افتتاح المكتبة الوطنية اللبنانية بتمويل من دولة قطر

بيروت – المكتب الإعلامي –  04 ديسمبر

افتتح فخامة الرئيس العماد ميشال عون رئيس الجمهورية اللبنانية هنا اليوم، المكتبة الوطنية اللبنانية في بيروت التي مولت دولة قطر مشروع إعادة إحيائها والنهوض بها بمبلغ 25 مليون دولار.

وقد مثل دولة قطر، في حفل الافتتاح الذي حضره دولة السيد سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعادة السيد محمد بن حسن الجابر سفير دولة قطر لدى الجمهورية اللبنانية.

وقد توجه الرئيس العماد ميشال عون في كلمة له خلال الحفل بالشكر إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وإلى صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وإلى الحكومة القطرية "التي حرصت على تمويل إعادة تأهيل المكتبة الوطنية، لتتزين بأحسن حلة، صرحاً حضارياً يتجلى من خلاله وجه لبنان المشرق."

وقال "إن لبنان الذي يفتقر للموارد وللثروات الطبيعية، والذي يدفع على الدوام ضريبة أزمات المحيط وتضارب المصالح الدولية، من أمنه واستقراره واقتصاده ويرزح اليوم تحت وطأة أزمة سياسية وأخرى اقتصادية، له وجه آخر لا يمكن أن نسمح لضجيج الحاضر أن يحجبه، هو وجه الإبداع اللبناني الذي تكلّم وكتب بكل لغات الحضارات التي تعاقبت على أرضه، فكتب الفكر والفلسفة والعلوم باليونانية، والشرائع والقوانين باللاتينية، وأغنى العربية أدباً وفكراً وفلسفة بعد أن حافظ عليها وعلى أصالتها، وله بصماته أيضاً في العديد من اللغات الحية في العالم".

وأضاف "لطالما شكّل الكتاب بما يمثله من تاريخ وحضارة وثقافة تحدياً لكل غازٍ ومحتل، ولكل فكر ظلامي همجي على مر العصور وفي كل بقعة في العالم، فكم من مكتبة أُحرقت ودُمّرت وضاعت معها معالم مرحلة واختفت نفائس فكرية وتاريخية ومخطوطات لا تعوّض وكانت ضربة قاسية للنهضة وللحضارة والتاريخ".

وتطرق رئيس الجمهورية اللبنانية إلى تاريخ المكتبة الوطنية، لافتا إلى أنه في العام 1919 ولم تكن قد انقضت سنة بعد على انتهاء الحرب العالمية الأولى مع كل المآسي والآلام التي خلفتها في العالم ولبنان، كان هناك من لا تزال لديه أحلامه ووعي لأهمية حفظ التراث، حيث بدأ فيليب دو طرّازي وهو المؤرخ والكاتب رحلة الألف ميل مباشراً تجميع الكتب والمحفوظات والأرشيف في منزله.

وتابع "من يراجع تاريخ هذه المكتبة وكيف بدأت، ثم كيف تابعت واستمرت لتصل الى ما وصلت اليه اليوم، يعرف معنى أن يؤمن الإنسان بحلم، ومعنى الإصرار والمثابرة لتحقيقه".

من جانبه، نقل سعادة السيد محمد بن حسن الجابر سفير دولة قطر لدى الجمهورية اللبنانية في كلمة خلال الحفل، تحيات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، وتهاني سموه للبنان، رئيساً، وحكومةً، وشعباً، بتدشين هذا الصرح الثقافي، الشامخ وسط العاصمة بيروت، التي عاصرت ثقافات، وحضارات عديدة، وتمسكت بحضارتها، وتميزها في الشرق، وصارت علامة فارقة، لا تشبه غيرها.

وأعرب سعادته عن شكره لفخامة الرئيس العماد ميشال عون على تكرمه بتدشين هذا الصرح الثقافي الكبير، الذي يعني لنا الكثير.

وقال سعادته "لقد وجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، بمتابعة الجهود التي بذلت، بمكرمة سخية، من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني منذ العام 2006، للنهوض بالمكتبة الوطنية في لبنان، ليتم تتويجها، بافتتاح هذا الصرح الثقافي العريق، الذي يشبه لبنان، وطن الحرف، والحضارة، والغنى الثقافي".

ونوه سعادته الى ان الجهود، التي أثمرت اليوم، ولادةَ إشعاعٍ ثقافيٍ جديدٍ / قديم، ليست وليدة الساعة، لافتا إلى أن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، وضعت حجر الأساس، لمشروع نهضة المكتبة الوطنية، في قلب بيروت النابض، في العاشر من مايو 2009، إيمانا منها، بضرورة الحفاظ على الإرث التاريخي الكبير للبنان، وغناه بالحضارات والثقافات المتعاقبة، وتأكيدا، على دور بيروت الريادي، كعاصمة أزلية، للثقافة والفكر، والعلم، والمعرفة.

وأشار إلى أن المساهمة القطرية، في إعادة إحياء، بيت ذاكرة التاريخ اللبناني الفكري والعلمي، في هذا المشروع، هي انعكاس، لتحقيق الذات القطرية، على قاعدة الاستثمار في الإنسان، لحفظ ثقافته، وتاريخه.

 

وقال سعادته "فثقافتُنا تتحدثُ عنا وتراثُنا هويتنا وتاريخنا يحدد غدَنا. إن توجيهَ خطى الإنسان، وتوسيعَ آفاقِه الفكرية، هي قاعدةٌ، وهدفٌ، لرؤيتنا الوطنية. ونهجُنا، يبدأ بخطوة، تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله".

وأضاف "نحن، ورغم كل ظروف الحصار الذي تعرضت له دولة قطر، نلتزم الإيفاء بتعهداتنا، وهذه هي دولة قطر، كما تعرفونها. ودوحتنا، دوحة العلم، والثقافة، والمعرفة، والرقي، تجدُ توأمها الفكري، في لبنان الإشعاع، الذي ينهض في كل مرة، وينفض عنه غبار الألم ويشرق من جديد".

وأكد سعادة السفير أن الدور، الذي تلعبه الدوحة كعاصمةٍ للثقافة والعلم، ليس بجديدِ، فقد افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مكتبة قطر الوطنية في 16 إبريل 2018، لتكون مقصدا علميا، وعالميا، لاكتساب المعرفة، والمهارات الخلاقة، الضرورية، للإسهام بفعالية في المشروعات التي تنظمها دولتنا الحبيبة قطر.

وشدد على أن تدشين المكتبة الوطنية في بيروت ليس التعاون الوحيد بين دولة قطر والجمهورية اللبنانية، فالعلاقات الثنائية العميقة بين بلدينا الشقيقين تتحدث عن نفسها في كل بقعة من لبنان، وتعود بجذورها إلى التاريخ البعيد.

وتابع " لقد ثمّن المسؤولون اللبنانيون، المشروع الذي بلغت تكلفته 25 مليون دولار، مقدمة من دولة قطر، للنهوض بالمكتبة الوطنية في لبنان، معتبرين، أن المكتبة الوطنية، التي أُعيد بناؤها، على أسس علمية جديدة، ما كانت لتبصر النور، لولا هذه الهدية السخية".

ونوه الى أن دولة قطر والجمهورية اللبنانية تلتقيان مجدداً على قاعدة، إعادة بناء، وإحياء دور لبنان الطليعي، على المستويات، الاقتصادية، والإعمارية، والإنمائية، والثقافية، والذي صار له عنوان، يتلخص بـ "المكتبة الوطنية في بيروت" التي تحتضن إرثاً لبنانياً، بلمسة قطرية، تشّكل مرجعاً ثقافياً، لا غنى عنه للبنانيين، وللزائرين مركزاً للاطلاع على الإنتاج الفكري.

من جانبه، شكر سعادة السيد غطاس خوري وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية في كلمة مماثلة دور دولة قطر وعطاءها السخي من أجل إعادة احياء المكتبة الوطنية اللبنانية.

وقال "إنه العيد، عيدٌ ثقافيّ، نعلنُ فيه إعادةَ افتتاحِ المكتبة الوطنية في لبنان كونها صرحا يضمُّ ثروةً ليست كالثرَوات، فيه الكتاب، والدورية، والمخطوطة، واللوحة، فيه نتاجُ الفكرِ الإنسانيِّ بالآلاف، بعرضٍ حديثٍ مُمَكنَن، في قاعاتٍ وصالاتٍ للمطالعةِ وللعروضِ الفنيةِ واللقاءاتِ الثقافية".

ولفت إلى أن المكتبة تحتوي مقتنيات لبنانية، تعِبَتْ من رحلةٍ طويلة، بدأتْ في العام 1919، لتُرَحَّلْ من مكانٍ إلى آخر، مما عرَّضَ قسماً منها للتخريبِ أو للنهب، لكن أيادٍ كثيرة امتدَّتْ لإنقاذِها: من فرنسا، والاتحاد الأوروبي، ومراكز دولية ولبنانية، إلى اليدِ الأخيرةِ الكريمةِ والسخية من دولةِ قطر الشقيقة، فلها منَّا خالصَ الشكر.

وختم خوري كلمته بالقول "هنيئاً للبنان، في عيدهِ الثقافيِّ هذا، مكتبتُه الوطنية، الشامخة على هذه التلةِ البيروتية، لتبقى عاصمتُنا مدينةً للثقافة، وشُعلةً للعلم، وبيرقاً خفّاقاً في الوطن، مرفوعاً باعتزاز، يميّزُ لبنان باستمرار".

يذكر أن مجلس الوزراء اللبناني كان قرّر في العام 1999 تخصيص مبنى كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة في الجامعة اللبنانية الواقع في منطقة الصنائع ليكون المقرّ المستقبليّ للمكتبة الوطنيّة التي كانت قائمة في حرم مرفأ بيروت.

وفي العام 2006، قدّم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هبة إلى الدولة اللبنانيّة لبناء المكتبة الوطنيّة المستقبليّة، وتم وضع حجر الأساس لمشروع النهوض بالمكتبة الوطنية في 10 مايو 2009، بحضور صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر.

وتتألف المكتبة من أربعة طوابق، ويصل عدد المخطوطات التي تضمها الى 300 ألف مخطوطة تعود غالبيتها الى القرن الحادي عشر وما فوق.