بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس حقوق الإنسان،
السيد المفوض السامي لحقوق الإنسان،
السادة رؤساء الوفود،
الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
يطيب لي في البداية أن أحييكم جميعاً وتسعدني المشاركة في أعمال المجلس لهذه الدورة والتي نأمل أن تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ومن دواعي سروري أن تتشرف بلادي بتجديد عضويتها في هذا المجلس، وأشكر الدول التي أولتنا ثقتها لهذه العضوية.
السيد الرئيس،
يواجه العالم تحديات جسيمة تتمثل في انتشار النزاعات المسلحة، وتزايد الاضطرابات بسبب أعمال التطرف العنيف والتعصب والإرهاب، واستخدام التدابير القسرية الانفرادية التي تنتهك القانون الدولي ومواثيق حقوق الانسان، وتخالف مبدأ العلاقات السلمية بين الدول، والتي تلقي جميعها بظلال سلبية على حقوق الإنسان، وتَحرِم العديد من الافراد والمجتمعات من حقوقهم وحرياتهم الأساسية التي نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الانسان.
السيدات والسادة،
على الرغم من الاهتمام العالمي المتزايد بحماية حقوق الإنسان ، إلا أنه من المؤسف أن نجد انتهاكات صارخة وجسيمة لهذه الحقوق في العديد من مناطق العالم.
لقد أطلًعتُ هذا المجلس في دورته الماضية على تداعيات وانتهاكات حقوق الإنسان جراء الحصار غير القانوني والتدابير القسرية الانفرادية التي اتخذتها دول الحصار ضد الشعب القطري، والتي أكدها التقرير الذي أصدرته مؤخراً البعثة الفنية لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بعد زيارتها لدولة قطر في نوفمبر الماضي، والذي تضمن وصفاً موضوعيا ومنهجيا للانتهاكات الجسيمة والصارخة لحقوق الانسان من قبل دول الحصار بحق المواطنين والمقيمين سواء في دولة قطر أو في دولهم، والتي ما زالت مستمرة حتى تاريخ اليوم.
وانطلاقاً من الموقف القانوني السليم لدولة قطر ودفاعاً عن حقوقها المشروعة، أدعو، من هذا المنبر، مجلس حقوق الانسان وجميع الآليات التابعة له، لاسيما آلية الاجراءات الخاصة، أن تضطلع بمسؤولياتها وولاياتها في العمل على وقف انتهاكات حقوق الانسان المترتبة على هذه التدابير القسرية الانفرادية العنصرية ومحاسبة المسؤولين عنها والعمل على تعويض المتضررين منها.
السيد الرئيس،
ما يثير الدهشة والاستغراب في آن واحد أن الدول التي فرضت هذه التدابير القسرية الانفرادية على بلادي هي دول أعضاء بالمجموعة الرئيسية المقدمة لقرار مجلس حقوق الانسان حول " حقوق الإنسان والتدابير القسرية الانفرادية"، ومنها دول تتمتع بعضوية هذا المجلس.
إن هذا السلوك الغريب في التعامل مع قرارات المجلس يعكس التناقض الكبير بين قناعات هذه الدول وسياساتها من جهة، وبين مواقفها وتوجهاتها داخل المجلس من جهة أخرى، وهو سلوك لا يشكك فقط في مصداقية هذه الدول و جديتها ، انما يشكل تقويضا لعمل المجلس وجهوده الأمر الذي يستدعي الحفاظـ على سمعة هذا المجلس ومصداقيته.
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة،
إن ما يتعرض له الشعب السوري في مدينة الغوطة الشرقية على مرأى ومسمع من العالم كله على يد النظام الحالي وصمة عار على الإنسانية ويكشف مدى لامبالاة هذا النظام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وبشاعة الممارسات الوحشية التي تهدر فيها حقوق الإنسان والتي عجزت وتقاعست تجاهها آليات الأمم المتحدة المعنية بالأمن والسلم الدوليين عن القيام بدورها لحماية حقوق الشعب السوري ، الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة في مواجهة النظام السوري لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بوقف اطلاق النار وحماية الشعب السوري و تكثيف الجهود لوقف سياسية القتل والبطش وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الممنهجة التي يتبعها النظام السوري وتقديم مرتكبي هذه الجرائم البشعة إلى العدالة الدولية.
كما نؤكد على ضرورة تحمل المجتمع الدولي وبخاصة مجلس الأمن لمسؤولياته القانونية والاخلاقية والتخلي عن الانتقائية من أجل التوصل إلى تسوية سياسة للأزمة السورية وفقاً لبيان جنيف (1) تحقق تطلعات الشعب السوري المشروعة في الحرية والعدالة و الكرامة.
وندعو المجتمع الدولي لتقديم كافة أوجه المساعدات الإنسانية للشعب السوري لمواجهة الاحتياجات الضرورية الملحة، ولن تدخر دولة قطر جهداً في تقديم هذه المساعدات.
السيد الرئيس،،،
لا زال الشعب الفلسطيني قابعاً تحت نير الاحتلال وتوالت على هذا الشعب المظلوم الحروب والويلات. إضافة الى كون الاحتلال في ذاته انتهاكا لقيم الحرية والتعايش السلمي الحضاري الذي توصلت اليه الحضارة الانسانية. فقد صاحبت عقود الاحتلال الاسرائيلي طيف واسع من شتى الممارسات غير القانونية تشكل خرقا واضحا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة الأمر الذي يوجب على إسرائيل التوقف عن هذه الانتهاكات والخروقات وعن استخدام القوة العسكرية الغاشمة ضد المدنيين الأبرياء ورفع الحصار عن قطاع غزة، والتوقف عن مواصلة سياسة الاستيطان.
وفي هذا السياق ندعو المجتمع الدولي الى السعي الجاد لحماية حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق حلم الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية الأخرى، وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يتعلق باليمن ندعو جميع الأطراف اليمنية الى الانخراط الايجابي نحو تحقيق مصالحة وطنية حقيقية تنهي النزاع القائم وتضع حدا للمعاناة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الشعب اليمني الشقيق، وندعو المجتمع الدولي، الى بذل كافة الجهود، لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن وبما فيها القرار رقم 2216 لسنة 2015 واتخاذ كافة التدابير لمعالجة الوضع الإنساني الخطير الذي يواجهه الشعب اليمني الشقيق،
وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الى مختلف المناطق اليمنية والحيلولة دون استخدام هذه المساعدات الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية لأي طرف.
السيدات والسادة،، ،
إن حماية وتعزيز حقوق الإنسان يأتي في صدارة أولويات دولة قطر وتواصل جهودها في هذا الشأن على المستوى المؤسسي والتشريعي تنفيذاً لرؤيتها الوطنية 2030 بكافة محاورها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، والتي تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومتكاملة أساسها صون كرامة الانسان وتعزيز وحماية حقوقه في إطار العدل والمساواة وترسيخ كافة الحريات الأساسية.
وفي هذا السياق خطت دولة قطر خطوات كبيرة وحققت العديد من الأهداف الإنمائية للألفية وكذلك أهداف التنمية المستدامة، وتبوأت موقع الصدارة على مستوى دول المنطقة في تقارير التنمية البشرية للسنوات الأخيرة.
و في إطار تعزيز المشاركة الشعبية يتم حالًيا الاعداد للأدوات التشريعية اللازمة لانتخابات مجلس الشورى، وفي مجال حقوق العمال فقد شهدت البنية التشريعية والخدماتية تطورات كبيرة لتوفير حياة كريمة لضيوف قطر من المشاركين في بناء نهضتها، فبناء على احصاءات أكتوبر 2017 استفاد حوالي 2,4 مليون عامل من نظام حماية أجور العمال الموحد.
وفي مجال التخطيط الاستراتيجي لحقوق الانسان تسعى دولة قطر حالياً لاعتماد الخطة الوطنية لحقوق الانسان التي سيتم اعتمادها وفقاً للمعايير الدولية في هذا الشأن.
وعلى المستوى الإقليمي والدولي تواصل دولة قطر جهودها لتعزيز وحماية حقوق الانسان بالانخراط الإيجابي مع كافة الدول والمؤسسات الدولية والاقليمية ذات الصلة وأشير هنا إلى استمرار دولة قطر بكافة مؤسساتها الإنسانية الحكومية وغير الحكومية في تقديم العون التنموي والمساعدات الانسانية للمحتاجين جراء الكوارث والنزاعات في مناطق كثيرة من العالم.
السيد الرئيس،
في الختام أؤكد على استمرار دولة قطر في نهجها القائم على صون وتعزيز وحماية حقوق الانسان على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية انطلاقا من إيمانها وقناعتها الراسخة بهذه الحقوق، كما أؤكد على استمرار دولة قطر في سياستها الرامية للتعاون الدولي البناء الذي يشمل دعم عمل هذا المجلس لتمكينه من القيام بتحقيق أهدافه النبيلة على النحو الأمثل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،