بسم الله الرحمن الرحيم
صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر المسند
أصحاب السعادة ،،
سعادة الشيخة/ هند بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء جامعة حمد بن خليفة،،
الدكتور الفاضل/ أحمد حسنه رئيس جامعة حمد بن خليفة ،،
السادة أعضاء هيئة التدريس والإداريين ،،
الأخوة والأخوات ،،
الحضور الكرام ،،
يسرني في البداية أن أشكر القائمين على إدارة جامعة حمد بن خليفة على دعوتِهم الكريمةِ لي لحضور حفل تخريج طلبة الماجستير والدكتوراه عام 2018 والذي يشهد تخريج أولَ دفعةٍ من حملة الدكتواره ونحن نفخر اليوم بأن نرى التعليم العالي في بلدنا في نهضةٍ وصعود وحملة نبراس العلم في تنافسٍ محمود.
السيدات والسادة،،
إن قوةَ الشعوب تقاس اليوم بقدراتها العلمية أولاً ثم تأتي بعدها عواملَ أخرى هذا ما فرضه التاريخ وأكدته مسيرةُ العلاقات الدولية واستثمرته السياسة، فالشباب المتعلم خيرُ ذخيرةٍ لوطنه، وهو الثروة الحقيقة لدولته، ومن هذا المنطلق، فإن الاستثمار في العنصر البشري عبر التعليم يعد أعلى أنواع رأس المال قيمةً ومردوداً.
إن السمةَ الأساسية لعالمِنا اليوم ترتكزُ على تحرير الأسواق والفضاءات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والمالية والخدماتية، وأصبحت التنافسية عنوانه الأول، مما أدى إلى إعلاء مكانة صناعة المعرفة التي لا تتحقق إلا عبر امتلاك ناصية البحث العلمي والتكنولوجي العابر للحدود دون اعتبار لتعداد السكان أو مساحة الإقليم أو لقدرة الجيوش.
إن موضوع العمل والتواصل العلمي من أجل التطوير والنهضة بات ضرورةً ملحة وقضيةُ وجود ومصير للدول، من أجل عدم التخلف عن ركب التقدم الحضاري الدولي، وقد علمتنا دروسُ التاريخ أن عديداً من المجتمعات لم يُكتب لها التطور، لأنها جَمّدَتْ المعرفة في عقولِ أبنائها وقتلت الإبداعَ عند مواطنيها، فسحقتها الأميةُ وتصحر المعرفة وأعتمتها ظلاميةُ الفكر، وأضل طريقَها انغلاقُ العقل.
السيدات والسادة،،
حرصت دولة قطر منذ تسعينيات القرن الماضي على إيلاء جَل اهتمامها لتوفير التعليم المتميز، وتواصل الدولة تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – أمير البلاد المفدى "حفظه الله" وضع التعليم على قمة الأولويات لتحقيق الاقتصاد القائم على المعرفة، انطلاقاً من القناعة بأهمية وحتمية الاستثمار في الإنسان القطري الذي يعد أهم مكونات ثروتنا الوطنية ليكون شريكاً فاعلاً في التنمية المستدامة والنهضة الشاملة للدولة ومساهماً أساسياً في بناء عالمٍ مزدهر آمن ومتطور، وهذا ما تضمنته رؤية قطر الوطنية 2030 ، ولا تألو الدولة جهداً في ترسيخ ذلك لكي يتبوأ المواطن القطري المكانة المنشودة التي تليق به.
ونحن ندرك جيداً أن تسلح المواطنين القطريين والمقيمين بالتعليم كان أحد العوامل الهامة في مواجهة تحديات الأزمة التي عصفت بمنطقة الخليج واستهدفت دولة قطر شعباً ووجوداً منذ شهر يونيو الماضي.
ولطالما راهنت دولة قطر على شبابِها كمناط العزم والتقدم، وقد ازدادت قناعتَنا اليوم بهذا الرهان ونحن نرى نجاحات الشباب القطري في جميع المجالات.
إن الاستثمار في التعليم وخاصة الدراسات العليا يعد من أهم المحاور الأساسية لتوفير البيئة والكادر المؤهل لإنتاج المعرفة وتطويرها لتحقيق التنوع الاقتصادي وغيره من المجالات الأخرى والتعامل مع الثورة المعرفية الجديدة وضرورة تصافح العلم مع العمل،
وانطلاقاً من إيماننا في دولة قطر بأن نكون من الفاعلين وليس المستهلكين فقد خصصت الدولة 2.8 بالمئة من عائداتها السنوية للبحث العلمي كما توسعت في إنشاء مراكز المعرفة والعلم والثقافة واستقطاب العديد من الجامعات العالمية المرموقة باعتبار ذلك استثماراً ضرورياً في البنية الأساسية الضرورية للتقدم وتحقيق الطموحات المنشودة للوصول بالبلاد إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
وإننا نثمن رؤية مؤسسة قطر للعلوم وتنمية المجتمع الرامية إلى إطلاق قدرات الإنسان، حيث أُنشئت جامعة حمد بن خليفة عام ٢٠١٠، والتي تُعدُّ إحدى الجامعات البحثية الناشئة التي تعمل من أجل المساهمة في التنمية في دولة قطر والمنطقة بأسرها وتحقيق رؤية قطر الرامية إلى التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
السيدات والسادة،،
إن التعليم كأحد الركائز الأساسية للسياسة الداخلية لدولة قطر لا يختلف عن كونه أحد مرتكزات السياسية الخارجية القائمة على دبلوماسية الحوار والانفتاح والتنمية وذلك ضمن رؤية شاملة لعالمٍ يسودُه الأمن و السلام والاستقرار، انطلاقاً من إيماننا بأن المجتمع الإنساني يواجه مصيراً واحداً.
ولا شك أن التعليم هو السبيل الذي ينبغي التعويل عليه لمواجهة التحديات، ومن هنا يمكننا أن نبني ثقافة السلام، ونواجه ظاهرة التطرف والعنف، ونمنع نشوب الحروب والصراعات التي ماتزال تشكل أكبر العقبات أمام طريق السلام والتنمية وحقوق الانسان.
وإدراكاً منا في دولة قطر بأن الحرمان من التعليم بجميع مراحله هو أمرٌ خطير يؤدي إلى ضياع الأجيال ويعد عاملاً من عوامل تغذية التطرف والعنف والإرهاب، ركزت السياسية الخارجية القطرية في بعدها الإنساني على قطاع التعليم في مقدمة القطاعات المتعلقة بالمساعدات التنموية لمساعدة ونجدة المحتاجين وللتخفيف من معاناة المتضررين من الكوارث والحروب والأزمات في أي مكانٍ في العالم دون النظر إلى دينٍ أو عرقٍ أو لون أو مذهب وعملت دولة قطر في هذا الشأن بأن يحل القلم بدلاً من السلاح.
وفي هذا السياق يتعين عدم تسيس التعليم في حالة الخلافات بين الدول انطلاقاً من حقوق كافة الشعوب في الاستفادة من النتاج الفكري والعلمي للبشرية فالتعليم بات مصدر الثراء المتبادل بين الشعوب، ويعزز قيم التحالف بينها، ويكرس التفاهم والتعايش المشترك، وينشر ثقافة الحوار بين الجميع في أرجاء المجتمع الإنساني، فطلاب جامعة حمد بن خليفة القادمون من ٥٠ دولة وكذلك أعضاء هيئة التدريس باختلاف خبراتهم وانتماءاتهم خير دليل على ذلك وسوف يكون لديهم دورٌ كبيرٌ في تعزيز التعاون بين الدول.
الحضور الكرام،،،
نحن اليوم نحتفي بخريجي أحد أصرح المدينة التعليمية التي ندين بالفضل في وجودها إلى الرؤية السديدة والثاقبة لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر المسند.
وأتوجه في هذه المناسبة بأصدق التهاني للخريجين على نجاحهم الذي لم يأتِ ِإلا بجهد ومثابرة بذلت للتزود بالعلم والمعرفة والإبحار بالعلم إلى بر الحياة العملية وأشكر الأساتذة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة على الجهود التي بذلت لتخريج هؤلاء الخريجين الذين نعلق عليهم آمالنا في صنع مستقبل باهر لدولة قطر والمشاركة بفاعلية في عملية النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة.
ورسالتي اليوم للخريجين إن الإيمان بالله والثقة بالنفس والاعتزاز بالمواطنة والتوازن بين المعاصرة والأصالة، والإخلاص في العمل، بروح وثابة وعزيمة صادقة هي مقومات النجاح، وأنكم كما ترمقون مستقبلكم لتحقيق ما تصبون إليه في العمل والعيش الكريم، فإن وطنكم أيضاً يرى فيكم المستقبل المشرق وتقدمه المنشود وعليكم الانخراط بكل إيجابية ومواصلة جهود من سبقوكم لتحقيق مستقبلٍ باهرٍ لكم ولبلدكم في شتى مناحي الحياة.
وختاماً
أود أن أذكركم بأن الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه لا يعني بلوغ الكمال في العلم، لذا أدعوكم من هذا المنبرأن تواصلوا البحث لمواكبة التقدم، فالمعرفة لا تقف عند حدود.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..