بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
سعادة السيدة فريدريكا موغيريني، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية،
أصحاب السعادة ،
السيدات والسادة،
أود في البداية أن أتوجه بالشكر إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على استضافة هذا المؤتمر، الذي شاركت دولة قطر في رئاسته العام الماضي إلى جانب حلفائها من الدول المانحين، وإننا نأمل أن يحقق هذا المؤتمر مستوى من الدعم يرقى إلى حجم الكارثة الإنسانية التي تعصف بسوريا وتلقي بآثارها الكارثية على المنطقة بأكملها.
السيدات والسادة،،،
دخلت الأزمة السورية عامها الثامن ونحن نتفرج على شلالات من الدماء لأطفال قطفت القنابل طفولتهم، وطال الخراب والنهب مساكنهم، إلى أن أصبحت الضحايا أرقاماً نعبرها سهواً على شاشاتنا. ففي الأشهر الماضية، تفاقم حجم العنف والدمار والانتهاكات لحقوق الإنسان، وارتفعت أعداد الضحايا من المدنيين والنازحين داخلياً، وأصبح اليوم أكثر من 13 مليون سوري في حاجة إلى المساعدات الإنسانية والغذائية.. وهذا ليس إلا رقماً تقديرياً في حين ما يزال هناك قابعين تحت الحصار يقارب عددهم 3 مليون سوري.... وهنا نتساءل ما هو الرقم الذي سينتفض أمامه المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الكارثة الإنسانية؟
يتعين على المجتمع الدولي القيام بوضع خارطة طريق مكملة للدعم الإنساني ومشروطة بالحل السياسي تشمل:
أولاً - تأكيد الالتزام الجماعي بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين عبر إجراء تحقيقات دولية مستقلة لتحديد المسؤولية عن ارتكاب الفظائع وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية، وتقديم المسؤولين عنها للعدالة، فالمساءلة ليست جوهريةً لتحقيق مبدأ العدالة فحسب، بل ضرورية لردع الجناة عن تكرار ارتكاب الجرائم، ولفتح الطريق أمام فرص حل الأزمة والانتقال السياسي والتوافق الوطني. وأشير هنا إلى أن دولة قطر بالاشتراك مع إمارة ليشتنشتاين والدول الصديقة، تدعم الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساءلة عن الجرائم المرتكبة في سوريا.
ثانياً- إن انتهاء الأزمة السورية لن يتحقق دون التوصل إلى حل سياسي يستند إلى بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن رقم 2254 وهو ما لطالما دعمته دولة قطر.
ثالثاً - الحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها العام الماضي في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي ، من خلال جهود المجتمع الدولي، وهي جهود كان لدولة قطر دور هام فيها انسجاماً مع سياستها ودورها الفاعل في مجال مكافحة الإرهاب.
وإدراكاً من دولة قطر بأهمية محاربة الإرهاب من جذوره، فقد ركز الجانب الأكبر من المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة قطر على التعليم والتطوير المهني، إذ أن حرمان الملايين من الأطفال والشباب من الدراسة وفرص العمل هو أمر خطير يؤدي إلى ضياع الأجيال ويُعدّ عاملاً من عوامل تغذية التطرف والعنف والإرهاب. ولذلك فقد قامت دولة قطر بمبادرات منها المبادرة القطرية لتعليم وتدريب اللاجئين السوريين، أليس محاربة الجهل أقل تكلفة من محاربة الإرهاب؟
رابعاً - إن حشد المساعدات الإنسانية لا يجدي نفعاً ما لم تصل إلى مستحقيها، لذلك نشدد على أهمية الوفاء بالتعهدات، وعلى ضمان إيصال المساعدات من قبل أي طرف وتيسير تقديم المعونة الطبية والاحتياجات الأساسية، علاوةً على تهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين بصورة آمنة وطوعية.
السيدات والسادة..
لقد تعهدّت دولة قطر في مؤتمر بروكسل السابق بمبلغ 100 مليون دولار وأوفت بذلك وزادت عليه ليصل دعمنا لصالح تعهد مؤتمر بروكسل 2017 مبلغ 108 مليون دولار، بينما بلغت مساهمتنا لتعهد مؤتمر لندن 2016 مبلغ 101.241 مليون دولار.
وانطلاقا من العهد الذي قطعناه على أنفسنا لنصرة إخواننا المظلومين والوقوف إلى جانب أشقائنا السوريين، تستمر دولة قطر في الالتزام بالتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية السورية، إذ يسرني الإعلان عن تعهد جديد بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي لعام 2018. وهذا الالتزام ليس معروفاً يسدى ولا جميلاً يحفظ بل هو واجب.
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة،
في مثل هذا اليوم من العام المنصرم، شاركت نفس الدول في مؤتمر بروكسل الأول، وقد نلتقي العام القادم في نفس المكان، مما يعني أننا قد نجد أنفسنا في المؤتمر العاشر والأزمة السورية ما زالت تراوح مكانها، وذلك بسبب غياب الحل السياسي الذي طالما صرحت به الدول بأنها تتفق عليه وتختلف على ماهيته، فمنهم من يرى الحل السياسي بتبني سياسة الأمر الواقع ومنهم من يراه لا يأتي إلى بوضع حلول واضحة وملزمة تلبي طموح الشعب السوري ومطالبه التي ثار من أجلها.
وشكراَ...