أشكركم على استضافتكم لي اليوم، ويشرفني أن أناقش شؤون بلدي والمنطقة مع خبراء وقادة السياسة الخارجية الذين يتجردون من انتماءاتهم الحزبية عندما يتناولون القضايا المطروحة عليهم.
لقد وصلت الأزمة في الشرق الأوسط إلى درجات من التوتر تتطلب من الخبراء المفكرين أن يحللوا جميع النزاعات المتزامنة للوصول إلى حلول واقعية ودائمة لتحقيق السلام.
ولكن في قطر ظلت الأمور تسير في طريق مختلف منذ عقود.
في قطر ستجد دولة آمنة ومزدهرة.
عندما أسافر حول العالم دائما يسألني الناس كيف استطاعت قطر أن تحقق مثل هذا النجاح بالرغم من كل هذه الصراعات التي تحيط بها في الجوار؟
خلال السنوات العشرين الماضية استطاعت قطر أن:
- تتعامل مع العالم من خلال دبلوماسية التفاعل
- تقيم شراكات اقتصادية عالمية
- تطور رأسمالها البشري
- تستثمر في المنطقة
منذ عقدين قررت بلادي أن تبدأ صفحة جديدة من الانفتاح. وقد شكل هذا القرار سياسة قطر الخارجية التي تتميز بالتفاعل والحوار والتعاون.
كان هذا اتجاها جديدا في منطقة الشرق الأوسط وقد حقق النجاح المرجو منه ووجدت قطر في خارج جوارها الجغرافي أصدقاء وحلفاء في مناطق مختلفة من العالم.
في داخل المنطقة أصبحت قطر وسيطا ذا خبرة في منطقة لا تستخدم أسلوب التفاوض في حل الخلافات.
على سبيل المثال في لبنان استطعنا أن نهدئ القتال ونسد فراغ السلطة. وفي السودان ساعدنا على وقف الحرب وتحقيق السلام في دارفور. واليوم نقوم بتسهيل المحادثات بين الولايات المتحدة وحكومة أفغانستان وطالبان.
السياسة الخارجية التي تقوم على التفاعل تعني أن تسير الشراكات السياسية جنبا إلى جنب مع الشراكات الاقتصادية. إن استثماراتنا في مختلف أنحاء العالم ومختلف القطاعات تعني أن قطر تستطيع أن تتشارك مع المختصين العالميين لإمداد العالم بالغاز الطبيعي المسال.
لم يكن هذا عملا سهلا لأن العملاء لم يكونوا قد طوروا بعد طريقة فاعلة لتسييل الغاز الطبيعي ونقله. لذلك تعاونت قطر مع خبراء حول العالم نقلوا قطاع الطاقة إلى عهد جديد من خلال الغاز الطبيعي. وفي نفس الوقت استطاعت قطر أن تنوع اقتصادها وتقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري.
اليوم توفر قطر ما يقارب 30% من الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي وفي نفس الوقت نقوم بالاستثمار في رأسمالنا البشري. وقد بدأنا بالتعليم والإعلام والتسامح الديني، وشمل أخر فصل من فصول التطور الرعاية الصحية والعمل وأتاحت السياسات التقدمية حرية وحقوق المرأة منذ عقود.
في عام 2007 بدأت قطر مؤتمرات الحوار بين الأديان بين المسيحيين واليهود والمسلمين بهدف أن يصبح التعايش بين أصحاب هذه الديانات واقعا ملموسا. ودعت قطر العديد من الجامعات الأمريكية للانضمام إلى مدينتنا التعليمية لتتيح للمنطقة فرصا واسعة من التعليم الممتاز.
ولتحقيق هذه الإصلاحات طلبنا المساعدة من الخبراء في المجالات المالية والبيئية والأكاديمية ومجالات حقوق الإنسان ولم تكن دول قطر شديدة الحساسية أو مهددة من قبل النقاد مما سمح لنا بأن نخلق أفضل ممارسات في تلك المجالات.
وبالإضافة إلى إصلاحاتنا الداخلية بدأت قطر تواصلها الخارجي في المنطقة إذ رأينا أن الأزمة المحيطة بنا في الشرق الأوسط تركت الناس دون خيارات فبعض تلك الدول تجاهلت الاحتياجات الأساسية لشعوبها وبعض الحكام اضطهدوا رعاياهم لسنوات.
وكانت النتيجة ولا تزال شعور باليأس حيث لا مياه نظيفة صالحة للشرب ولا طعام ولا تعليم لا وظائف ولا كرامة.
وقطر تعتبر أن توفر الأمل والفرصة لأولئك الجيران ضرورة أخلاقية.
توفر قطر للملايين من الشعوب في منطقتنا المساعدات الإنسانية والتعمير والتمويل والتعليم الأساسي وفرص العمل.
ففي عام 2017 فقط قدمت قطر 674 مليون دولار أمريكي معونة لـِ 78 دولة لدعم مبادرات الأمل تلك.
وهذه المساعدة الإنسانية ضرورة ملحة للبقاء اليومي ولكن العالم مندهش " كيف يمكننا خلق حل سياسي لتهدئة الفوضى في الشرق الأوسط؟ مثل هذا الحل يعتبر ضرورة ملحة ليس فقط للسلام الإقليمي ولكن أيضا للسلام حول العالم.
في قطر نحن نؤمن أن الحوار هو السبيل الأمثل لحل النزاعات وتسوية الأزمات الإقليمية والعالمية.
ان الحوار يعتبر وسيلة دبلوماسية لتحقيق غاية معينة في الشرق الأوسط، وتلك " الغاية" هي أن يشارك كل أعضاء المنطقة بالكامل في تأسيس مبادئ الحوكمة التي تبقي القادة مسؤولين عن تصرفاتهم مع آليات ملزمة لحل النزاعات.
إن نقطة البداية لتحقيق اتفاق كهذا هي الحوار وخاصة بين الدول التي عادة ما ترفض الحديث إلى بعضها البعض.
هناك أمل اليوم في أن بعض جيراننا في الشرق الأوسط قد تصالحوا مع أهمية الحوار في أماكن الكوارث مثل أفغانستان.
أيضا هناك حاجة ملحة لهذا الحوار في فلسطين لأنه بدون عملية سلام في الشرق الأوسط فإن التقدم الدائم في المنطقة سيكون صعبا.
من الناحية التاريخية كانت قطر ولا تزال قادرة على أن تجمع اللاعبين الإقليميين والعالميين سويا. كذلك تخطط قطر على الاستمرار في دورها كوسيط.
إن دولة قطر ستستمر كما كانت دائما تفعل بأن تكون لاعبا نشطا وداعما لكل الأطراف من ذوي النوايا الحسنة الذين يرغبون في حل الخلافات ومواجهة التحديات والأخطار التي تؤثر على الشرق الأوسط والعالم.