السيدات والسادة،
أصحاب السعادة،
أشكر سعادة السيدة ميشيل باشليت المفوض السامي لحقوق الإنسان، على مشاركته معنا في هذا الحدث الهام وعلى اهتمامه بالمسائل ذات الصلة بتحقيق الأمن والاستقرار وإعلاء مبادئ العدالة وفق غايات الأمم المتحدة. وإن من دواعي سروري أن أشارك مجددا مع سعادة الوزيرة أوريليا فريك، وزيرة الخارجية والتعليم والثقافة بإمارة ليشتنتشتاين الصديقة، في هذا الجهد المشترك، الذي ينطلق من المسؤولية الجماعية عن التصدي للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وغيرها من الجرائم الأشد خطورة، أيّاً كان مرتكبوها، ومن الأهمية التي نوليها لتلبية الواجب الإنساني والأخلاقي بتحقيق العدالة للضحايا، ومن حرصنا على المساهمة في تحقيق الظروف المواتية للسلام والانتقال السياسي المستدام في سوريا.
كما أود أن أعبر عن التقدير للقاضية كاترين ماركي-أوهيل، رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة المرتكبة في سوريا منذ مارس 2011، وكذلك فريق القيادة، على الجهود التي يبذلونها لتفعيل الآلية الدولية.
السيدات والسادة،
إن المجتمع الدولي بأكمله يطالب بالحل السياسي في سوريا وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، ولا شك أن العدالة جزء أساسي من الحل المستدام. ولكن يتأكد لنا يوما بعد يوم أن النظام القضائي الوطني في سوريا غير قادر أو ليس لديه الرغبة في ملاحقة أي طرف ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، كما أنه لم يتم اتخاذ إجراءات كافية لمعالجة هذه المسألة من قبل مجلس الأمن. لذلك ينبغي إعادة التأكيد على الحاجة القصوى إلى الآلية الدولية المحايدة والمستقلة. التي تعزز الجهود الرامية للتوصل إلى حل للأزمة السورية وإزالة العوائق أمام استدامة ونجاح الحل والانتقال السياسي والتوافق الوطني، كما تأتي هذه الآلية تجسيداً واضحا لمبادئ وأسس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ولإرادة الغالبية العظمى من المجتمع الدولي.
إن ما نشهده في هذا الوقت من تطورات في سوريا وخاصة تصعيد العنف ضد المدنيين وما يتردد عن احتمالات وقوع هجمات بالأسلحة الكيميائية يستدعي منا مضاعفة الجهود لضمان المساءلة عن الجرائم الفظيعة ولضمان تفعيل دور الآلية الدولية.
السيدات والسادة،
يتواصل الاهتمام الدولي بهذه المبادرة الهامة، وتجسد هذا الاهتمام في مشاركة الدول من مختلف أنحاء العالم في دعم تمويل الآلية، كما تبين في الاجتماع الذي عقدته الجمعية العامة في شهر أبريل الماضي لمناقشة التقرير الأول الذي قدمته الآلية الدولية.
إن نجاح الآلية الدولية المحايدة والمستقلة يعتمد على عدة عوامل أهمها الالتزام السياسي من قبل الدول وانعكاس ذلك على أرض الواقع. ونحث الدول الأعضاء على التعاون مع الآلية، بما في ذلك تقديم المعلومات والأدلة التي في عهدتها.
وفي هذا السياق نرحب بقيام الآلية الدولية وفق ولايتها بالتنسيق مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا بغرض تبادل المعلومات والأدلة. ونؤكد على أهمية التعاون والتنسيق بين الآلية الدولية ومنظمات المجتمع المدني بغية توثيق الانتهاكات. وبهذا الخصوص، نثني على ما تقوم به السيدة ماركي-أوهيل في التواصل مع المنظمات غير الحكومية السورية، ونرحب بتوقيع الآلية بروتوكولًا للتعاون مع ٢٨ منظمة في أبريل الماضي في لوزان، بهدف تحديد توجيه المشاركة والتفاهم بين الآلية وتلك المنظمات، وهو ما سيساهم في تعزيز الهدف المشترك المتمثل في ضمان تحقيق العدالة والمساءلة وإنصاف الضحايا.
السيدات والسادة، أصحاب السعادة ،
لا شك أن للتمويل أهمية أساسية حتى تتمكن الآلية من تنفيذ ولايتها وضمان استقلاليتها، ويكتسي التمويل أهمية خاصة في هذه المرحلة، التي تعتمد على التبرعات الطوعية بانتظار جعل تمويل الآلية يتم من خلال الميزانية العادية للأمم المتحدة على النحو المتوخى في القرار 71/248، وهو ما نتطلع إلى دعم الدول الأعضاء له. وفي هذا الصدد نشكر جميع الدول التي قدمت الدعم المادي للآلية الدولية، ونحث على الوفاء بالتعهدات الطوعية ومواصلة تقديم الدعم اللازم مستقبلا. ومن جهتنا، فقد بلغت مساهمة دولة قطر مليون دولار تم الوفاء بها بالكامل.
إننا نتطلع إلى تفعيل نشاط الآلية الدولية والتوصل إلى نتائج ملموسة بما يساهم في تحقيق العدالة والمساءلة والسلام المستدام في سوريا. ونتطلع إلى الاستماع إلى وجهات نظركم بشأن المسائل المتصلة بتفعيل الآلية.
وشكرا.