السيدات والسادة،
أشكركم على انضمامكم إلينا اليوم في مؤتمر وستمنستر لمكافحة الإرهاب: " القضاء على التطرف ومكافحة الإرهاب في عالم متغير".
وأشكر المعهد الملكي للخدمات المتحدة على رعايتهم لهذا الحدث وإنه شرف لي أن أكون معكم اليوم.
لدينا تاريخ ثري في العمل معاً، وقد ساعد عملكم قطر على بناء مركز دولي قوي ينشر الدبلوماسيين في جميع أنحاء العالم.
الأحداث المروعة الأخيرة في جميع أنحاء العالم أدت إلى تسليط الضوء على تهديد الإرهاب.
وعلى وجه الخصوص، في هذا العام تعرضت المملكة المتحدة إلى أربعة هجمات على يد الإرهاب وقد أظهرت المملكة المتحدة قوتها.
ترحب قطر بتأسيس لجنة بريطانية لمكافحة التطرف ونتطلع إلى تعاوننا في المستقبل.
كما يعلم كل من يعيش في لندن جيداً إننا نعيش في عصر هجمات إرهابية لا يمكن التنبؤ بها، ترتكب هذه الهجمات من قبل مجموعة صغيرة من المتطرفين العازمين على إلحاق الأضرار وترويع المدنيين الأبرياء.
لقد حققنا الكثير في المعركة ضد الإرهاب العالمي والتطرف العنيف ولكن معركتنا لم تنته بعد.
واليوم يواصلون الناس في المملكة المتحدة وحول العالم في السؤال عن الأسباب الجذرية للإرهاب والحلول للقضاء على هذه الحلقة من العنف التي لا تزال بدون حل.
يعكس هذا المؤتمر رغبة قطر المستمرة للدول والمنظمات ذات النوايا الحسنة أن تترابط مع بعضها البعض وتحارب الإيديولوجيات الخبيثة.
اليوم سنتبادل الخبرات والمعرفة وتعزيز التعاون العالمي والعمل مع شرائكنا الحاليين ونأمل بانضمام شركاء جدد في الحرب ضد الإرهاب.
أتيت من منطقة مليئة بالتطرف.
على الرغم من أن الشرق الأوسط كان في يوم من الأيام منطقة سلام وتعايش إلا أنه تحول للأسف إلى منطقة من الاضطراب والحكم الشمولي حيث يزدهر التطرف.
نحن بحاجة إلى التعلم من التاريخ وتطوير المنظورات والخبرات لاكتشاف طريقة لإنهاء انتشار التطرف.
إذن، من هو العدو؟ ما هو السبب الجذري للإرهاب؟
الاستبداد والحكم الشمولي والعدوان وغياب العدالة.
الأزمات تغذي الإرهاب.
الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تهدد حياة 24 مليون طفل، ومعظمهم يعيشون في اليمن والعراق وسوريا.
يمكن الحصول على أمثلة على كوارث حديثة عبر منطقتي التي أوجدتها الإيديولوجيات الخبيثة: الأطفال الذين عاشوا الفظائع الجماعية للنظام السوري أو داعش في العراق وسوريا، أو أطفال الحرب في اليمن الذين أصبحوا شبابا بأمل ضئيل لمستقبل أفضل.
لقد حان الوقت للمجتمع الدولي أن يقول "كفى" لهذه الأزمات.
علينا أن نعمل معاً لإنهاء الخلاف والبدء في إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال.
إذا لم نتحرك بسرعة فإن هؤلاء الأطفال اليائسين سوف يقعون ضحية للإيديولوجيات المشوهة للتطرف.
ما الحل لإنهاء حلقة العنف والتطرف؟ الحل هو التسوية والتعاون والمثابرة.
كما تعلمون تقع قطر في منطقة مضطربة وقد شاهدت الدول الشقيقة تنهار أمام الطغاة والإرهابيين ومع ذلك تمكنت قطر من تصنيفها كواحدة من أكثر الدول أماناً في العالم.
لم يكن إنجازاً سهلاً.
لسنوات عديدة وقفت قطر بجانب الدول الحليفة مثل المملكة المتحدة في قول "كفى"، وقطر تظل ملتزمة بحزم بالقضاء على الإرهاب بجميع أنواعه.
ترغب قطر في البحث عن أساليب جماعية جديدة للتهديد العالمي للإرهاب في عالم متغير.
اتخذت قطر في عام 2004 خطوات صارمة لوقف تدفق التمويل إلى الإرهابيين عندما أصدرت أول قانون مستهدف لمكافحة الإرهاب، ومن ثم خلال لجنة مشتركة مكافحة الإرهاب.
ومنذ ذلك الحين نجحنا في تحديد ومقاضاة الأفراد والمنظمات داخل حدودنا المشتبه في دعمهم للإرهاب من خلال تنفيذ حكم القانون ومراعاة الأصول القانونية.
لقد علمت قطر أن مفتاح القضاء على الإرهاب وأيدولوجيته يجب أن يكون من خلال نهج شامل، ومن خلال الجمع بين تدابير أمنية صارمة وضمانات أكثر ديمومة.
بينما تتزايد الأزمات في منطقتنا المضطربة يتم استهداف أجيال من الرجال والنساء الضعفاء من قبل الجماعات المتطرفة.
يتم التجنيد للأيديولوجيات الخبيثة عبر الانترنت وعبر الحدود لذلك علينا أن نبقى متقدمين على هذه القوى في جميع الأوقات.
بالتأكيد استخدام القانون والاستخبارات العسكرية أمر حاسم في مكافحة الإرهاب.
لكننا وجدنا أن الإجراءات الأمنية الصارمة ليست كافية ويجب على هذه الإجراءات أن تكون إحدى الخطوات العديدة المتخذة وليست والوحيدة.
انطلقت قطر على الصعيد الدولي منذ أكثر من عقد لإيجاد شركاء عالميين يشاركون التزامها بمكافحة الإرهاب.
هذه التحالفات بدأت تنتج نتائج: أصبحت قطر عضو نشط في تحالف مكافحة داعش وتستضيف مركز القيادة لمحاربة داعش.
قطر عضو مؤسس لكل من المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والصندوق الدولي للمشاركة والمرونة المجتمعية.
لقد دخلنا في شراكة مع الأمم المتحدة ووكالاتها في محاولة للقضاء على جميع أشكال التطرف والإرهاب.
نهدف إلى استكمال الإجراءات الأمنية الصارمة بالتدابير الأمنية الدائمة التي تأخذ الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية بعين الاعتبار.
لذلك استثمرنا الكثير في الإمكانات البشرية بالتعاون مع حلفائنا في جميع أنحاء العالم من خلال توفير التعليم والتنمية الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
تؤمن قطر بأن التعليم أداة حيوية في بناء السلام ومنع الصراعات، ولهذا السبب تلتزم قطر بتعليم 7 ملايين طفل خارج المدرسة وتوفير التمكين الاقتصادي لنحو نصف مليون شاب وشابة في المنطقة.
تأمل قطر أن من خلال القيام بذلك أن يتمكن الشباب في نهاية المطاف من أن يعيشوا حياة ذات قيمة وأمل، ونحن نسعى جاهدين لمحاربة اليأس الذي يوفر أرضية خصبة للتطرف.
ولكن التعليم ليس كافياً.
يجب أن نمنح الناس وسيلة لدعم عائلاتهم وتزويدهم بكرامة العمل. تعاونت قطر مع مكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة لتعزيز توظيف الشباب من خلال بناء القدرات وإطلاق برامج لمنع التطرف العنيف.
ونحن نؤمن بشدة أنه من خلال مرونة المجتمع بإمكاننا مواجهة انتشار الإرهاب.
ولهذا السبب قطر أحد الأعضاء المؤسسين لصندوق المشاركة والمرونة العالمية (GCERF) وهي الدولة العربية الوحيدة، وسوف تستضيف اجتماع مجلس الإدارة القادم في ديسمبر في الدوحة – قطر.
يجب أن نعلم أن التعليم والعمالة ليست كافية من أجل كسب الحرب ضد الإرهاب وكسر حلقة العنف.
يجب علينا توفير الاستقرار في المنطقة.
يجب أن يكون هناك التزام سياسي بإنهاء الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يجب أن نقدم أمل واقعي لمستقبل أفضل للشباب والشابات في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم.
يجب أن تنتهي حلقة العنف التي يرتكبها الأفراد الذين يبحثون عن السلطة.
الأزمات لا تحدث فجأة.
يعاني السكان من الأزمات المستمرة في ظل القيادة الشمولية والاستبدادية والعدوانية.
الحكام الذين يريدون السلطة يمارسون الحكم السيء ويجردون السكان من حقوقهم الإنسانية وكرامتهم.
ويقع هؤلاء السكان ضحية للمجموعات المتطرفة.
من أجل كسب الحرب ضد الإرهاب وكسر حلقة العنف يجب علينا توفير التعليم والعمالة والاستقرار والأهم من ذلك إيجاد الحلول العادلة التي توفر السلام الدائم.
السيدات والسادة،
يسعدني أنكم انضممتم إلينا اليوم، انه من الملهم أن نكون قادرين على جمع مثل هذه المجموعة من الخبراء الأمنيين اللامعين وذات مستوى رفيع معا.
أهدافنا هي دراسة الحالة الراهنة للتطرف وكيف يتطور الإرهاب، وتبادل الطرق لإنهاء التمويل والتجنيد، وتحديد كيفية القضاء على الإيديولوجيات المتطرفة.
إنني أتطلع إليكم لاستكشاف حلول للقضاء على التطرف وإذا كان التطرف ينبع من الصراع العدواني أو من ثمار الأنظمة الشمولية الدائمة.
سينتج عن المؤتمر ورقة بيضاء وسيؤدي أيضاً إلى إعلان مباشر قصير الأجل للمبادئ، يتبعه تقرير بحثي شامل يعتمد على مداولات المؤتمر.
باختصار، سوف نعرض أفضل الأمثلة للتعاون الدولي من خلال الجمع الممارسين وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم والتعلم من بعضنا البعض، والتي نأمل أن تشارك جميع الدول في دعم استراتيجيات مكافحة الإرهاب.
أتطلع إلى المناقشة والتقدم الذي سنحققه هنا في تصدي تحديات مكافحة الإرهاب في عالم متغير.
شكرا لكم ،،،