شكراً جزيلاً السيد جان-ماري.
يسعدني أن أكون معكم اليوم وأن أحضر المنتدى الاقتصادي العالمي، وأود أن أشكر صديقي العزيز بورجي الذي عملت معه عندما كان وزير خارجية النرويج، والنرويج بلد معروف بدعمه للسلام والأمن والاستقرار في منطقتهم ومنطقتنا، ولقد عملنا معا في مناطق مختلفة مثل أفغانستان والصومال وقد كانت شركة كبيرة نهدف إلى استمرارها بين دولة قطر والنرويج.
كما يشرفني أن أكون هنا مع زميلي وزير خارجية تونس السيد خميس الجهيناوي، وتعتبر تونس مثالا رائعا في منطقتنا للأمل في العالم العربي والشباب العربي.
لقد ذكرتم "داعش" وعهد ما بعد "داعش"، ونحن نرى أنها لحظة هامة لنا جميعا أن ندرك مدى أهمية العمل الذي قمنا به وهو هزيمة جيش داعش والجيش بالفعل على وشك أن يهزم.
يجب أن ننظر إلى الأسباب الجذرية لـ"داعش" وكيف يتم رعايتها، وعلينا أن نوقف حلقة العنف وإنتاج المتطرفين العنيفين الجدد، ونرى أن "داعش" وغيرها من جماعات التطرف العنيف تنمو في مناطق الاضطرابات السياسية والتفكك الاجتماعي والفقر والمشاكل الاقتصادية، وإذا اقتصر التعامل مع الجماعات المتطرفة على الجوانب الأمنية فقط سيؤدي إلى اختفاء الإرهاب لفترة قصيرة، ويمهد لنمو جماعات متطرفة جديدة.
دعونا لا ننسى أن تنظيم "داعش" ما هو إلا تطور لتنظيم القاعدة الذي كان في العراق، وأن "داعش" لم يبدأ في سوريا وإنما في العراق، وذلك بسبب الفراغ السياسي وتهميش فئات معينة ثم التنظيم وجد مكاناً مثالياً للنمو في سوريا بعد الفوضى التي خلقها النظام.
يجب علينا النظر للإرهاب من زاويتين رئيسيتين هما أولاً الأيدولوجيات وقدرة المتطرفين على استخدام الأيدولوجيات لحشد الموارد وتجنيد الناس بطريقة لم يسبق لها مثيل، وثانياً غياب الدولة وعدم قيامها بدورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وأن المجموعات المتطرفة لا تنمو في دول تعتبر جميع مواطنيها سواسية.
عندما نقوم بتزويد الشباب بالأمل وفرص العمل والتعليم والمناسب، سينشئون ليصبحوا أفضل ولن يكونوا ضعفاء أمام التطرف، وهناك أدلة على أن المتطرفين يستخدمون الدين لتحقيق أهدافهم السياسية وعلينا أن نتعلم من أحداث الماضي. أن "اتفاق الجمعة العظيمة" في إيرلندا الشمالية مثال جيد على التكامل الحقيقي، حيث كان الهدف الرئيسي للاتفاقية هو تزويد الناس بالفرص المتساوية والتطوير.
منطقتنا ظلت تعاني من توجيه الدعم الدولي على أساس الخلفيات العرقية والفئات من جماعات معينة، فعلينا التفكير بطريقة أكثر ابتكاراً لمعالجة العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخليا ومساعدة الدول على بناء أمم تقوم على مبدأ المساواة في الحقوق الإنسانية. وعلينا أن نتصدى لها إقليميا وعلينا أن نقف التعاون الذي يقوم على الفئوية أو الطائفية أو العرقية، والعمل على بناء القدرات داخل الحكومات لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه شعوبها. وإننا نقر بوجود انقسام في الشرق الأوسط، ولدينا خلافاتنا، ولكن تلك الخلافات لن تحل أبدا في ساحات المعارك وأن الجميع سيأتون في النهاية إلى طاولة المفاوضات.
وأن القوى المختلفة تحاول الحصول على أقصى قدر من النفوذ حتى تأتي إلى طاولة المفاوضات في وضع أفضل، وأن الشعوب هي التي تدفع الثمن. وأؤمن بضرورة أن يحث العالم جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لمعالجة شواغلهم، وأن المنطقة تزخر بإمكانيات كثيرة تتطلب وضعها في المسار الصحيح.
أن دولة قطر أعطت اهتماما كبيراً للأطفال الصغار في كل أنحاء المنطقة ممن لم يلتحقوا بالتعليم ووفرت لهم فرصا متساوية للعودة إلى المدارس وذلك من خلال العديد من البرامج أهمها "علم طفلا " الذي يعلم حاليا 7.6 مليون طفل في الدول الفقيرة. والجانب الآخر هو تمكين الشباب و التمكين الاقتصادي من خلال توفير فرص عمل للشباب، وإذا نظرتم إلى أعمار المقاتلين الإرهابيين الأجانب سترون أن معظمهم من الشباب ومعظمهم يحملون شهادات جامعية، ونحن نرى أنه من المهم توفير فرص العمل لهم بدلا من تركهم عرضة للتطرف، وأرى أن من دون بيئة سياسية صحيحة لن يكون لدينا حل فعال.